الاحتياجات النفسية | ج2
الاحتياجات النفسية
تحدثنا في المقال السابق عن أن الله لم يخلق البشر جسدًا فقط، بل لديهم العديد من الاحتياجات التي تحتاج إلى الاشباع. وذكرنا بعض الاحتياجات الأساسية للبشر والتي تحدث عنها ماسلو في النظام الهرمي الخاص به، حيث نجد الاحتياجات الأكثر أهمية في قاعدة الهرم كالاحتياجات الفسيولوجية الملموسة مثل المأكل والملبس. وتناولنا في الجزء الأول خمسة احتياجات نفسية أساسية من بين عشرة احتياجات لدى عامة الناس منها: القبول، التقدير، التشجيع، الأمان، الاهتمام. نتابع في هذا المقال ذِكر خمسة احتياجات نفسية أخرى هامة للناس، وهي:
6- إظهار العاطفة:
يرغب الكثير من الأشخاص في استقبال سواء كلماتٍ تحمل العاطفة والمشاعر، أو التلامس الجسدي المقدس (غير الجنسي)؛ مع الأخذ في الاعتبار أن لكل شخص حدوده الخاصة، وعلينا احترام الحدود الجسدية المختلفة من شخص لآخر.
نجد في الكتاب المقدس بعض الآيات مثل: “سَلِّمُوا بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِقُبْلَةٍ مُقَدَّسَةٍ. يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ جَمِيعُ الْقِدِّيسِينَ” (كورنثوس الثانية 12:13-13). كذلك عندما كان الرب يسوع مع الأطفال “وَقَالَ لَهُمْ: “دَعُوا الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ، لأَنَّ لِمِثْلِ هؤُلاَءِ مَلَكُوتَ اللهِ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ لاَ يَقْبَلُ مَلَكُوتَ اللهِ مِثْلَ وَلَدٍ فَلَنْ يَدْخُلَهُ”. فَاحْتَضَنَهُمْ وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِمْ وَبَارَكَهُمْ.” (مرقس 14:10-16).
إذًا إظهار العاطفة هو التعبير عن الاهتمام والقرب من خلال التعابير الكلامية والملامسات الجسدية غير الجنسية، مع احترام ومراعاة حدود الشخص الآخر بحذر؛ بقولك: «أنا أحبك».
من الأمور الهامة، معرفة ما هي احتياجاتك؟ وما هي احتياجات القريبين منك؟
هل تحتاج إلى سماع الكلمات العذبة والتشجيع والاحتضان والملامسات العفيفة غير الجنسية. وهل قريبك يحتاج لإحدى هذه الأمور؟ فتستطيع أن تسددها له. أم أنك تسدد احتياجًا خاطئًا لشخص لا ينتظره، بينما ينتظر تسديد احتياجًا آخرًا! في الحقيقة، هذا الفعل قد يسبب رد فعل عكسي.
7- الاحترام:
نسمع أحيانًا عبارات مثل: “أنت لا تحترمني!”.
الاحترام هو تقدير ورفع أحدكم للآخر ووضعه في مرتبة مهمة؛ اعتبار ومعاملة الآخر كشخص مهم؛ احترام وإكرام الآخر.
على فكرة، عندما تقدم الاحترام لمديرك في العمل، فأنت لا تحترمه فقط لأنه مديرك. وعندما تحترم من هم أصغر منك سنًا، فهذا ليس تواضعًا أو تقليلًا من شأنك.
“وَادِّينَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً بِالْمَحَبَّةِ الأَخَوِيَّةِ مُقَدِّمِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فِي الْكَرَامَةِ” (رومية 10:12). تقديم الآخر عنك في الكرامة تعني أنه هو الذي يأخذ المرتبة الأولى، هو الذي يجلس في المقدمة، وهو الذي يأخذ وضعه وليس أنت من يأخذ كل الاحترام والتقدير متجاهلًا من حولك.
8- الموافقة والتأكيد:
تأتي في الإنجليزية (Approval) أو بمعنى كيف أتفق معك وأساندك.
هذا الاحتياج هو المساعدة في نمو الآخر ودعمه؛ تقوية حقيقة العلاقة وتأكيد أهميتها.
“لاَ تَخْرُجْ كَلِمَةٌ رَدِيَّةٌ مِنْ أَفْوَاهِكُمْ، بَلْ كُلُّ مَا كَانَ صَالِحاً لِلْبُنْيَانِ، حَسَبَ الْحَاجَةِ، كَيْ يُعْطِيَ نِعْمَةً لِلسَّامِعِينَ.” (أفسس 29:4)، “وَكَانَ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاوَاتِ: أَنْتَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ!” (مرقس 11:1).
عندما تخرج منك كلمات، يكون الهدف منها إعطاء نعمة وبركة لمن يسمعها؛ أي كلمات تطمئن وتشجع وتسند.
هل تريد أن تشترك في تسديد احتياجات المقربين لك!، بالطبع هذه الاحتياجات طبيعية وسوف يبحثون عن شخصٍ يسددها لهم.
9- المساندة / التأييد / الدعم:
الوقوف إلى جانب الشخص الآخر ومساعدته بلطف عندما يمرّ بمشكلة أو بصراع ما؛ تأمين المساندة والمساعدة اللازمة في كل الظروف.
ننتظر كلمات مثل: “أنا بجانبك، أحسّ بك”، ونشعر أحيانًا بالوحدة والاحتياج للمساندة.
“فَإِذاً حَسْبَمَا لَنَا فُرْصَةٌ فَلْنَعْمَلِ الْخَيْرَ لِلْجَمِيعِ، وَلاَ سِيَّمَا لأَهْلِ الإِيمَانِ.” (غلاطية 10:6). كلما أتيحت لك الفرصة لفعل الخير، لا تبخل بتقديم العون والمساندة.
هل تشعر أن هذا احتياج مهم لديك؛ أن تشعر بالدعم من أقربائك؟
من هنا، أشجعك أن تكون سندًا وتساعد من حولك.
10- التعزية / المواساة:
يعاني معظم الناس من الألم والحزن، سواء لفراق شخصٍ غالٍ أو بالمرور بظرف صعب أو مرض ما. ربما لا نشعر ببعضنا البعض، وأحيانًا نبخل بتقديم التعزية ولا نهتم بمن حولنا. فنفرح بينما هم حزانى ومتضايقين.
التعزية هي إظهار التفهّم والتجاوب مع الشخص الآخر المتألّم بواسطة الكلام، والمشاعر والملامسة؛ التألّم مع ومن أجل الآخر المتألّم والحزين.
يقول الرسول بولس في رسالة رومية: “فَرَحاً مَعَ الْفَرِحِينَ وَبُكَاءً مَعَ الْبَاكِينَ” (رومية 15:12)، يريد الله أن يرى فينا روح التمييز هذا، أن نشارك المقربين لنا.
من المسئول عن تسديد كل هذه الاحتياجات النفسية؟
“فَيَمْلأ إِلهِي كلَّ احْتِيَاجِكُمْ بِحَسَبِ غِنَاهُ فِي الْمَجْدِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ” (فيلبي 19:4)
يزعم البعض أن الله هو المسئول الوحيد عن تسديد جميع هذه الاحتياجات؛ فهم يشيرون إلى تلك الآية قائلين: إن الله سوف يملأ كل الاحتياجات بنفسه.
لكننا نجد بولس الرسول في نفس الإصحاح يقول: “ثُمَّ إِنِّي فَرِحْتُ بِالرَّبِّ جِدًّا لأَنَّكُمُ الآنَ قَدْ أَزْهَرَ أَيْضًا مَرَّةً اعْتِنَاؤُكُمْ بِي الَّذِي كُنْتُمْ تَعْتَنُونَهُ” (فيلبي 10:4). هل معنى هذا أن الرب هو من يملأ الاحتياج، أم الرب من خلال الناس؟
الآن، بعدما تعلمنا ما هي الاحتياجات العشرة وتفسيرهم، هل لا زلت لا تعلم أي منهم هي احتياجاتك أنت؟ وأي منهم احتياجات المقربين لك؟
على أي حال، سوف تجد في هذا الرابط اختبار الاحتياجات العشرة.
إليك خطوات عمل اختبار الاحتياجات النفسية:
- قم بالإجابة على الأسئلة، واعط نفسك درجة لكل سؤال كما يلي: ترفض بشدة (-2)، غير موافق (-1)، على الحياد (0)، موافق (1)، موافق بشدة (2).
- اضغط على هذا الرابط، وسجل درجاتك في الخانة أمام كل سؤال حسب رقم السؤال.
- اجمع درجات كل احتياج معًا.
- لاحظ أعلى ثلاث نتائج، تكون هي احتياجاتك الأساسية.
- شجع شريك حياتك أو صديقك على اجتياز الاختبار لمعرفة الاحتياجات الأساسية لديه.
في النهاية..
يمكنك أن تعلن عن احتياجاتك بلطف، كذلك تساعد من حولك في تسديد احتياجاتهم أيضًا.
نقلًا عن:
كما يمكنك الاطلاع على:
اترك تعليقاً