الاحتياجات النفسية | ج1
لم يخلق الله الإنسان بجسم فقط. درسنا قديمًا هرم ماسلو الذي يشرح الاحتياجات الأساسية عند البشر. ذكر ماسلو أن الاحتياجات الأكثر أهمية هي التي توجد عند قاعدة الهرم، أي الاحتياجات الفسيولوجية الملموسة مثل المأكل والملبس والنوم والسكن. لكنه ذكر أيضًا نوعًا آخرًا من الاحتياجات تسمى “الاحتياجات الاجتماعية” وهي التي تمس علاقاتنا اليومية مع المقربين لنا.
أهم عشرة احتياجات
سوف نتحدث عن أهم عشرة احتياجات لدى الناس؛ ليس ذلك فقط، بل كل إنسان لديه ما يسمى بـ “Top three needs” أي “أعلى ثلاثة احتياجات”. أنت مسئول عن سداد احتياجات المقربين لك، وهم مسؤولون عن سداد احتياجاتك.
1- القبول:
كل فرد لديه احتياج أن يُقبل كما هو، قبول طوعي غير مشروط. كما هو بطريقة لبسه، بنوعية إيمانه، بشكله، بكلامه وأفكاره.
يقول الكتاب المقدس في (رومية 7:15): “لِذلِكَ اقْبَلُوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا كَمَا أَنَّ الْمَسِيحَ أَيْضًا قَبِلَنَا، لِمَجْدِ اللهِ.” فهو يحثنا على قبول إخوتنا وأخواتنا. عندما يكون احتياجك هو القبول، فأنت تريد شخصًا آخرًا يسدده لك. كذلك إذا كان صديقك أو شخص مقرب لك لديه هذا الاحتياج للقبول فعليك أن تسدده له.
2- التقدير:
هناك بعض الناس يتفانون في أشغالهم أو محبتهم أو عطائهم، ولا يشعر بهم أحد. كما أن هناك أناس لا يحتاجون إلى التقدير.
التقدير هو التعبير عن الشكر والإطراء والمديح والاعتراف بالجهود المبذولة.
يمكنك إجراء الاختبار في المقال القادم لمعرفة ما هي الاحتياجات الأساسية لديك ولدى الأشخاص من حولك، عندئذ تستطيع أن تسددها لهم وتستقبلها منهم بطريقة صحيحة.
يقول الكتاب المقدس في (كولوسي 15:3): “وَلْيَمْلِكْ فِي قُلُوبِكُمْ سَلاَمُ اللهِ الَّذِي إِلَيْهِ دُعِيتُمْ فِي جَسَدٍ وَاحِدٍ، وَكُونُوا شَاكِرِينَ.” فهو يُعلِّمنا كيف نشكر ونقدِّر بعضنا بعضًا.
كثيرًا ما ننسى أن نشكر الآخرين على ما قدَّموه لنا، وكأنه حق مكتسب أن نحصل على خدمات دون أن نشكر. ربما يكون احتياجك هو أن يراك الناس ويروا أعمالك ويقدِّرونها.
3- التشجيع:
هو احتياج مهم جدًا لدى الكثير من الأشخاص. وهو ببساطة أن تقف بجوار شخص وتحثه بإصرار أن ينجح، وأن تقدم له السند لكي يستمر ويحقق هدفه.
يقول الكتاب المقدس في (تسالونيكي الأولى 14:5): “وَنَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ: أَنْذِرُوا الَّذِينَ بِلاَ تَرْتِيبٍ. شَجِّعُوا صِغَارَ النُّفُوسِ. أَسْنِدُوا الضُّعَفَاءَ. تَأَنَّوْا عَلَى الْجَمِيعِ.” ربما لدينا مهارة تطبيق الجزء الأول من الآية (أنذروا)، فلا نجد صعوبة في التوبيخ والتعليم والمواجهة والهدم. لكن، علينا أن نهتم ببقية الآية.
شجعوا صغار النفوس، ولا سيما عندما يعمل شخص عملًا جديدًا. لا تبخل بتقديم التشجيع له، قل له كلمات تشجيع. لا تبالغ في تقديم إطراء ومديح مبالغ فيه، بل قدِّم تشجيعًا حقيقيًا يصل من القلب للقلب.
إذا كنت مديرًا أو قسًا أو مسئولًا في عمل، شجِّع الآخرين الذين يعملون معك. شجِّع ابنك، قل له: حسنًا فعلت، فهذا له مردود نفسي جيد.
هل تريد أن تشترك في تسديد احتياجات المقربين لك؟! هذه الاحتياجات طبيعية وسوف يبحثون عن شخصٍ يسددها لهم.
4- الأمان:
يعيش الناس في قلق وخوف من أمور كثيرة. أحدهم يخاف من أن يتحدث لئلا يصل كلامه إلى مديره في العمل، بالمثل تخاف السيدة المتزوجة من الحديث إلى زوجها لئلا يفهمها بشكل خاطئ. تحتاج الابنة للإحساس بالأمان عندما تذهب إلى والدتها وهي مخطئة. كما يحتاج الابن للإحساس بأن أبيه سوف يقف في صفه ويسنده، وليس بأن أبيه سوف يعاقبه أو يهدده ويطرده. لابد لكل مدير في عمل أن يعطي الأمان للموظفين. هناك الكثير من الناس تعيش في قلق من ردود أفعال من حولهم.
“بِسَلاَمَةٍ أَضْطَجعُ بَلْ أَيْضًا أَنَامُ، لأَنَّكَ أَنْتَ يَا رَبُّ مُنْفَرِدًا فِي طُمَأْنِينَةٍ تُسَكِّنُنِي.” (مزمور 8:4). ألا ترى الفرق بين شخص يسير في اطمئنان دون خوف أو قلق وآخر يتلفت يمينًا ويسارًا مفكرًا فيما يحمله له الغد.
هل تشعر أن هذا احتياج مهم لديك؟ أن تشعر بالأمان وسط أقربائك! هل تعرف أن زميلك مضطرب وصديقك أو زوجك أو ابنك أو ابنتك تشعر بالخوف!
اشجعك أن تكون سندًا وتساعد من حولك أن يشعروا بالأمان، بدلًا من أن يبحثوا عنه في المكان الخطأ.
5- الاهتمام:
نحتاج أن نشعر ببعضنا البعض. تحتاج أن تدخل إلى عالم الشخص الذي بجوارك ويعيش معك في نفس المنزل، كما تحتاج أيضًا أن تشعر باهتمام من حولك بك وباحتياجاتك.
يخبرنا الكتاب المقدس في (كورنثوس الأولى 25:12): “لِكَيْ لاَ يَكُونَ انْشِقَاقٌ فِي الْجَسَدِ، بَلْ تَهْتَمُّ الأَعْضَاءُ اهْتِمَامًا وَاحِدًا بَعْضُهَا لِبَعْضٍ.” هذه هي الصورة المنتظرة لجسد المسيح. فَإِنْ كَانَ عُضْوٌ وَاحِدٌ يَتَأَلَّمُ، فَجَمِيعُ الأَعْضَاءِ تَتَأَلَّمُ مَعَهُ. لكن أين هذه الصورة الجميلة الآن؟! فنحن في نفس المنزل ونفس الغرفة أو نفس مكان العمل ولا نهتم ببعضنا البعض.
هناك بعض الأشخاص يطلبون الاهتمام ممن حولهم، لا سيما السيدات كثيرًا ما يفعلون ذلك. كذلك يحتاج الرجال إلى من يشعر بهم وهكذا.
يا ترى هل لديك احتياج لأن يهتم بك أحد؟ أو لا يهمك هذا الأمر! ربما يكون أقرب الأشخاص لك في احتياج للاهتمام، عليك أن تسدده.
نقلًا عن:
كما يمكنك الاطلاع على:
قبول غير مشروط .. يعني إيه وازاي؟
اترك تعليقاً