بر الملكوت | بنو الملكوت | ج1

تحدثنا في المقالات السابقة عن ملكوت الله، وكيف أنه أصبح قريبًا، وسوف نستكمل في هذا المقال الحديث عن بر الملكوت.

ما هو بر الملكوت؟

طوبى للخطاة، وأيضًا للأنقياء القلب، وكذلك لصانعي السلام، لأن لهم ملكوت الله.
فأين تطبق الشريعة لكي نكون “بنو الملكوت”؟

كان يسوع يتحدث عن نوعين من البر؛ هما: البر الذي دعاه بر الكتبة والفريسيين، وبر الملكوت.
بر الكتبة والفريسيين هو البر الذي يراقب السلوك الخارجي، أما بر الملكوت فهو البر الذي يغير القلب الداخلي، حيث أن القلب هو الذي يخرج منه السلوك الخارجي.

عندما أنهى يسوع حديثه عن حقيقة اقتراب الملكوت – وكان شعاره في هذا الأمر “طوبى” – ابتدأ يتكلم عن بر الملكوت، وكان شعاره “قد سمعتم أنه قيل .. أما أنا فأقول”.

سنتحدث عن بر الملكوت وكيف يختلف عن بر الكتبة والفريسيين، كيف يتعامل مع أصل الداء وليس مع شكله الخارجي!

بر الملكوت هو بر تغيير القلب

الذين تغيرت قلوبهم، وتغير سلوكهم .. هؤلاء هم “بنو الملكوت”.

 

قد سمعتم أنه قيل للقدماء: لا تزن، أما أنا فأقول لكم: إن كل من ينظر إلى امرأة ليشتهيها، فقد زنى بها في قلبه. (متى 28:5)

وعندما أحضروا له امرأة زانية، قال لها: ولا أنا أدينك. ما هذا!!!

كما ذكرنا سابقًا فإن الكلمة المحورية أو العبارة المحورية التي استخدمها يسوع في الحديث عن بر الملكوت: قد سمعتم أنه قيل، أما أنا فأقول …

نجد مقابلة بين ما أسماه يسوع: بر الكتبة والفريسيين وبر الملكوت.

وهنا ناقش يسوع عدة أمور، منها: الزنا؛ أما أنا فأقول لكم: إن من نظر إلى امرأة ليشتهيها، فقد زنى بها في قلبه.

يعتقد البعض أن يسوع يزيد على الكتبة والفريسيين. هم يقولون لا تزنِ، أما أنا فأقول: إذا نظرت نظرة غير جيدة فأنت زانٍ. لا لا لا .. لم يُرِد يسوع أن يزيد على الفريسيين، لم يُعلم بما هو أبعد في التشدد. لكن بما هو أعمق في القلب.

لأن الزنا هو شهوة أولًا، هو يقول: راعِ شهوة في قلبك، لأن هذا هو الطريق لكي تراعِ سلوكك ولا تزنِ.

ليس فقط الذين يقاومون الزنا كفعل، لكن الذين يقاومون الشهوة في قلوبهم قبلما تتحول لفعل، هؤلاء هم “بنو الملكوت”.

 

بر الملكوت

وصية من الوصايا العشر .. لا تغضب

ومن قال لأخيه يا أحمق، بمعني أنه من شدة غضبه شتم أخيه، يكون مستوجب نار جهنم.

لماذا قال يسوع هذا؟! .. فنحن كثيرًا ما نشتم.

استمر يسوع في المقارنة بين ما دعاه بر الكتبة والفريسيين وما دعاه بر الملكوت.

فأيضًا، مثل موضوع الزنى، كان كلام يسوع في موضوع القتل عجيبًا.

سمعتم أنه قيل: لا تقتل، أما أنا فأقول أن من غضب على أخيه باطلًا يكون مستوجب الحكم.

أيضًا، من قال لأخيه رقا، كلمة رقا معناها: أنت تافه، يكون مستوجب المجمع.

كذلك، من قال لأخيه يا أحمق، يكون مستوجب نار جهنم.

أليست هذه مغالاة؟ هل يزيد يسوع الأحمال علينا كثيرًا؟! هل يرفع السقف علينا كثيرًا؟ بالطبع لا، هو لا يرفع السقف.

لا يذهب يسوع إلى ما هو أبعد في التشدد من الكتبة والفريسيين، بالعكس، فالكتبة والفريسيين كانوا ينتقدونه لعدم تشدده، لكن يسوع يريد أن يذهب أعمق.

ما هو الدافع وراء القتل؟! .. ما الذي يدفع شخصًا ما أن يقتل؟

إذا لم يتم التعامل مع الغضب بسرعة؛ سيتحول لفعل يسمى استياء، وهذا هو المقصود بعبارة: “غضب على أخيه باطلًا”.

فأصبح هناك استياء، كما أصبح هناك شكلًا من أشكال الكراهية.

كذلك، إذا لم يتم التعامل مع هذا الاستياء بسرعة؛ سيتحول إلى استهانة، فتقول لأخيك: “رقا”. والمقصود أنك تقول له كلمة تعبر عن استهانتك به. وبالمثل إذا لم يتم التعامل مع ذلك؛ سيتحول إلى إهانة، فتقول لأخيك: يا أحمق. وأخيرًا إذا لم يتم التعامل مع الإهانة؛ ستتحول إلى إيذاء.

حتى يصل الإيذاء لماذا؟! .. للقتل.

فابدأ من بداية الموضوع، ولا تنتظر حتى تشتعل الأمور ..

أطفئ السيجارة أولًا، لا تنتظر حتى تتسبب السيجارة في حدوث حريق، بمعنى تعامل مع الغضب أولًا، لأن الغضب عندما يُترَك يؤدي للقتل.

فيسوع لا يُزيد .. لا يذهب لما هو أبعد .. يسوع يذهب لما هو أعمق.

هؤلاء هم “بنو الملكوت”، هم الذين يتعاملون مع الغضب قبلما يتحول إلى قتل.

 

ماذا يقول يسوع عن الطلاق؟ .. هل الطلاق حلال أم حرام؟

الوضع بين الرجل والمرأة في الثقافة والمجتمع الذي كان يسوع يعيش فيه، كان وضعًا صعبًا جدًا.

من حقك أن تطلق امرأتك مثلما تريد، لكن أعطها ورقة. أما أنا (يسوع) فأقول: أتعلمون أن من يُطلِّقها زوجها .. ماذا تعمل لكي تعيش؟

كأنه يريد أن يقول: نحن نعيش في مجتمع لا يوجد به سيدات تشتغل(تعمل)، وليس فيه حقوق النساء، أو حقوق عمال، أو اتحادات عُمالية، وليس فيه أي ضمانات.

كيف يمكنها أن تعيش؟! .. ماذا يمكنها أن تبيع؟!

بالضبط، مَن طلَّق امرأته إلا لعلة الزنى، يجعلها تزني.

إذا أثبتت أنها مطلقة (بورقة الطلاق) فهي لا تخون زوجها، أي ليست زانية، بالتالي هي لا تستحق الرجم، إلا أنها ستجلد فقط.

ما يريد يسوع أن يقوله؛ أنه في ملكوت الله، القضية ليست قضية ورق، بعبارة أخرى، القضية هي وجود عهد بينك وبين امرأتك ..

كذلك، القضية هي أن “بنو الملكوت” ليسوا هؤلاء الأشخاص الذين يكسرون العهود بسهولة، إلا لعلة الزنى.

وإذا زنت فهي التي كسرت العهد، أي أنها طلقت نفسها بنفسها.

إلا لعلة الزنى، فإن بنو الملكوت يترددون كثيرًا، ويعملون ألف حساب قبل أن يكسروا العهود.

ومن أهم هذه العهود، هو عهود الزواج.

هكذا يتصرف “بنو الملكوت” في العهود.

 

نقلًا عن د. أوسم وصفي

بر الملكوت وبر الكتبة والفريسيين

ما هو الزنا؟ – لا تغضب

 

يفيدك أيضًا الاطلاع على:

ملكوت الله – بنو الملكوت

اقتراب ملكوت الله | بنو الملكوت | ج1

اقتراب ملكوت الله | بنو الملكوت | ج2

بر الملكوت | بنو الملكوت | ج2

أسلوب حياة الملكوت | بنو الملكوت

قوة ملكوت الله | بنو الملكوت | ج1

قوة ملكوت الله (المحبة) | بنو الملكوت | ج2

 

شاهد سلسلة بنو الملكوت – د. أوسم وصفي

 

د. أوسم وصفي
استشاري الطب النفسي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ

اشترك معنا