أسلوب حياة الملكوت | بنو الملكوت

ذكر يسوع أكثر من مرة في الموعظة على الجبل عند الحديث عن أسلوب حياة الملكوت هذه العبارة: “لا تهتموا”، فما المقصود بهذه العبارة؟ هل يريدنا يسوع أن نصبح مهملين!

أسلوب حياة الملكوت – “لا تهتموا”

في الموعظة على الجبل، ناقش يسوع أكثر من نقطة رئيسية، وهم:

أولًا: “اقتراب الملكوت”، وتحدث عن هذا الأمر مستخدمًا كلمة “طوبى”، فمثلًا، طوبى لغير المستريحين في هذا العالم، لأنهم سيلاحظون ويدركون اقتراب الملكوت.

ثانيًا: تحدث عن “بر الملكوت”، وكيف يتعامل بر الملكوت مع قلب الإنسان من الداخل ليغيره، ليس تغييرًا للسلوك عن طريق العقاب والردع كما هو الحال مع بر الكتبة والفريسيين.

ثالثًا: بدأ يسوع يُعلّم عن “أسلوب حياة الملكوت”، والكلمة المحورية التي كررها هي كلمة “لا تهتموا”.

لا تهتموا، لا تعني لا يهمك، أو كن مهملًا، أو لا تبالي. لكنها، تعني لا تعول الهم؛ أي تثق بالله لدرجة ألا تعول الهم كثيرًا.

لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون وبما تشربون، ولا لأجسادكم بما تلبسون. (متى 25:6)

فلا تهتموا للغد، لأن الغد يهتم بما لنفسه. يكفي اليوم شره. (متى 34:6)

وهذا مبدأ مهم جدًا؛ أن تعيش اللحظة، ليس بمعنى ألا تخطط، لأن يسوع في موقف آخر قال: من منكم وهو يريد أن يبني بيتًا، لا يجلس أولًا ويحسب النفقة. (لوقا 28:14)

فيسوع ليس ضد التخطيط، لكنه ضد عولان الهم، لأن عولان الهم معناه: إننا غير واثقين في إلهنا.

أسلوب الحياة في ملكوت العالم (ملكوت الملوك المسيطرين) يتسم بالخوف، أما أسلوب الحياة في ملكوت الله يتسم بالثقة.

الذين يثقون في الله – الذي يطعم الغربان التي تصرخ – هم “بنو الملكوت”.

الله أم المال؟

في الموعظة على الجبل، قال يسوع: فإن كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون نيرًا، وإن كانت عينك شريرة فجسدك كله يكون مظلمًا. (متى 22:6-23)

كان يسوع يتحدث عن العين البسيطة والعين الشريرة، ما هي العين الشريرة؟ هل هي الحسد!

قصد يسوع أن تنظر إلى الله باعتباره المرجعية بالنسبة لك، ولا تعتبر المال هو المرجعية بالنسبة لك.

ليس عيبًا أن يحتاج الإنسان إلى المال، ويجمع المال. لكن إذا كنت في موقف به مقارنة – أو صراع – بين الله والمال، مَن تختار؟ هل محبة الناس أم محبة المال؟ هل العطاء أم الأخذ؟ على سبيل المثال، عندما ترى أحدًا محتاجًا، ويحركك قلبك أن تعطيه مالًا، لكن قلبك الثاني يقول لك: لا؛ احتفظ بالمال لنفسك، لا أحد يدري ما يحمله الغد.

يريد يسوع أن يقول في “أسلوب حياة الملكوت”، لا تقلق، بعبارة أخرى، ثق في الله سيسدد احتياجك المادي فلا تعبد المال. هو يعطيك من يحبونك، فلا تتظاهر لكي تجعل الناس يحبوك. واجه نفسك، قبلما تواجه غيرك.

أسلوب حياة الملكوت

كم لديّ من المال؟ وماذا يقول الآخرين عني؟

أسلوب حياة الملكوت – “لا تدينوا”

ذكرنا أن “لا تهتموا” تعني لا تعول الهم، حيث أنه عندما يعول الإنسان الهم، يكون رد الفعل الجسدي المباشر هو أن يسيطر لكي يطمئن. وذلك لأنك عندما تسيطر على شيء ما تصبح مطمئنًا عليه.

إن أكثر أمرين يعول الإنسان الهم عليهما، هما: المال والناس.

تحدث يسوع في متى 6 كله ضد هذين الإلهين: المال والناس.

لا تقوم بأعمال لكي ترضي الناس، فالأهم هو حقيقتك في الداخل ليس شكلك في الخارج، كذلك أيضًا، لا تخدم المال، فعندما تحاول السيطرة على المال؛ عندئذ المال هو الذي سيسيطر عليك.

وبعد ذلك في متى 7 في البداية يقول: لا تدينوا لكي لا تدانوا (متى 1:7)

هل توجد علاقة بين هذه الآية وما قبلها؟ نعم. وذلك، لأن الطريقة الثالثة اللي نسيطر بها على مخاوفنا؛ هي الإدانة.

عندما أدين غيري، أرى نفسي أعلى منه، وأنا على صواب وهو على خطأ، وهذا، يعطي للإنسان شكلًا من أشكال الطمأنينة، أنه أفضل من الآخرين.

ولماذا تنظر القذى الذي في عين أخيك، وأما الخشبة التي في عينك فلا تفطن لها؟ يا مرائي، أخرج أولًا الخشبة من عينك، وحينئذ تبصر جيدًا أن تخرج القذى من عين أخيك! (متى 3:7،5)

أحيانًا، نحاول أن نهدئ من قلقنا بجمع المال، أو بالمظهر الجيد أمام الآخرين (المظهر المتدين)، وبعض الأحيان بالتفوق على الناس وإدانتهم. لكن، ليست هذه هي الطريقة التي يحاول “بنو الملكوت” أن يهدئوا من قلقهم بها.

“بنو الملكوت” يهدئون من قلقهم بالثقة في الله.

 

نقلًا عن د. أوسم وصفي

لا تهتمواالله أم المال؟لا تدينوا

 

يفيدك أيضًا الاطلاع على:

ملكوت الله – بنو الملكوت

اقتراب ملكوت الله | بنو الملكوت | ج1

اقتراب ملكوت الله | بنو الملكوت | ج2

بر الملكوت | بنو الملكوت | ج1

بر الملكوت | بنو الملكوت | ج2

قوة ملكوت الله | بنو الملكوت | ج1

قوة ملكوت الله (المحبة) | بنو الملكوت | ج2

 

شاهد سلسلة بنو الملكوت – د. أوسم وصفي

 

د. أوسم وصفي
استشاري الطب النفسي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ

اشترك معنا